الأربعاء، 20 مايو 2009

التعذيب انتهاك للقانون الدولي

في 11 سبتمبر 2001 عندما تم ضرب البرجين، كنت اجلس في اجتماع في لاهاي لمناقشة ما الذي يجب ادراجه في لائحة اتهام بحق سلوبودان ميلوسيفيتش بشأن ارتكاب جرائم حرب في البوسنة. وكنت محاميا اميركيا يعمل مدعيا في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، ولم يكن هناك اي شك بانه يجب اتهام ميلوسيفيتش بتحمله المسئولية عن التعذيب والمعاملة الوحشية للاسرى. فبصفته رئيسا للدولة في ذلك الوقت الذي ارتكبت فيه هذه الجرائم، يتحمل ميلوسيفيتش المسئولية الكاملة عما حدث تحت سمعه وبصره.

عندما كنت في لاهاي كنت اشعر بأني اقف في صف طويل من المدعيين الاميركيين الذين يعملون لصالح العالم حيث تقيد المعايير الدولية ما يمكن ان تلحقه دولة باخرى اثناء الحرب، ويمتد ذلك للوراء على الاقل الى القاضي روبرت جاكسون في محاكمات نوريمبيرج. فقد حمت هذه المعايير جنودنا ومواطنينا. كما انها كانت ايضا اخلاقية وعادلة. ولذلك فانا لم افهم لماذا، وبعد اشهر قليلة من الهجمات في 2001، سحبت ادارة بوش موافقتها على الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية. أليست المحاسبة على جرائم الحرب هي احد الاشياء التي تناضل اميركا من اجلها؟ على الرغم من ان البقاء في المحكمة لم يكن يعني ان الولايات المتحدة يمكن ان تخضع للاتهام في تلك المحكمة، فلماذا يحدث ذلك اذاً؟ بالتاكيد فاننا لن نرتكب تلك الاعمال. وباي حال فان المحكمة يمكن فقط ان تقاضي الشخص الذي ترفض حكومته مقاضاته، ومن المؤكد ان هذا الامر لن يحدث في الولايات المتحدة. ومع ذلك وبعد سبع سنوات من ذلك فاننا نتجادل هنا عما اذا كان يجب علينا اعفاء مسئولين كبار في ادارة بوش من المحاسبة عن الاشياء التي ارتكبوها في "الحرب على الارهاب."

في 2001 وفي السنوات القليلة الاخيرة، فاننا في المحكمة الدولية اقمنا حجة قضائية قوية بحق ميلوسيفيتش. فقد قدمنا دليلا بانه كان يسيطر فعليا على الجنود والقوات شبه العسكرية الذين عذبوا الاسرى وارتكبوا اعمالا قبيحة. وقدمنا للمحكمة تقارير مجازر تم تسليمها لميلوسيفيتش من قبل منظمات دولية تظهر معرفته بما كان يجري تحت امرته. وشاهدنا ادانة رؤساء دول اخرين بجرائم مماثلة من بينهم تشارليز تيلور في ليبيريا وبالطبع صدام حسين في العراق.

في نفس الوقت، كنت اراقب بفزع التغييرات التي كانت تحدث في بلدي. الاحداث معروفة جيدا الان وهي ابوغريب وجونتانامو وعمليات التسليم السرية لسجناء الى بلدان يمكن ان يتعرضوا للتعذيب خلال التحقيق معهم فيها والسجون السرية لوكالة المخابرات المركزية التي لا يبدو انها لا تحكمها اي قوانين. حاولت ان اجيب باقصى ما يمكنني على الاسئلة من زملائي الدوليين في لاهاي بشأن ما يحدث في ولبلدي. ولكن مع ظهور عمليات كشف اعلامية تغطي كل منها على الاخرى، اجد نفسي وليس لدي الكلمات لاجيب بها.

يحدوني الامل في ان تقلب الولايات المتحدة الصفحة عن هذه الاوقات وتعود الى القيم التي ابقت بلدنا لسنوات طويلة. غير اننا لا يمكن ان نتوقع ان نستعيد وضع قيادتنا في العالم الا اذا الزمنا انفسنا بنفس المعايير التي نتوقعها من الاخرين. وهذا يعني معاقبة اكبر المسئولين الحكوميين المسئولين عن هذه الجرائم. فاذا كنا قد طالبنا ذلك من البلدان الاخرى التي رجعت عن السير في الجانب المظلم، فعلينا ان نتوقع من انفس ما لا يقل عن ذلك.

ليس معنى القول بانه يجب ان نلزم انفسنا بنفس معايير العدالة التي نطبقها على سلوبودان ميلوسيفيتش وصدام حسين ليس معناه القول ان مستوى جرائم قادتنا تقارب جرائم هؤلاء. الحمد لله انه لا يوجد اي دليل على ذلك. ومع ذلك فان التعذيب والمعاملة الوحشية هي بمثابة انتهاكات للقانون الانساني الدولي شأنها في ذلك شأن القتل والابادة الجماعية. وهي تتطلب ردا قضائيا. ولا يمكن ان نتوقع من بقية البشر العيش في عالم لا نرغب نحن انفسنا في العيش فيه.

بقلم : مارك ماكيون

ليست هناك تعليقات: