الأربعاء، 24 يونيو 2009

الاستراتيجيات الصينية - الفن السري للحرب ( 3 )

- الإستراتيجيات المعتمدة على الهجوم

13- اضرب العُـشب لتستفز الثعبان
إذا عجزت عن كشف نوايا العدو، شن هجومًا مباشرًا عليه، لكن اجعله شكلياً بطريقة تسمح لك بمراقبة ردود أفعال العدو، والتي ستكشف لك عن نواياه الحقيقية .

تحكي الأساطير الهندية عن قاض صيني حكيم عُرضت عليه قضية سرقة ، المتهمون فيها كثرة والأدلة فيها غير كافية . فكر القاضي في حيلة : أعلن للمشتبه فيهم عن جرس سحري يستطيع أن يميز السارق من البريء، ولا يلزم سوى أن يلمس المشتبه بهم الجرس وإذا رن الجرس كان هذا معناه أنه هو السارق . جمع القاضي المشتبه فيهم وشاركهم صلاة خاصة لهذا الأمر، ثم جعل كل منهم يدخل بمفرده على هذا الجرس المزعوم والذي تمت إحاطته بستائر تحجبه عن العيون . و كان القاضي قبلها قد دهن الجرس قبل دخولهم ، ولذا كان من السهل ملاحظة أن أصابع الجميع قد علق بها الدهان عدا رجل واحد خاف أن يلمس الجرس، والذي اعترف بجرمه فيما بعد .


14- اقترض جثة الغير لتحضير الأرواح
قم بإحياء فكرة ، طريقة ، عادة ، تقليد ، تقنية من الماضي نسيها الناس ، واستغلها لصالحك ، عبر إكسابها غرض أو مفهوم جديد .

عندما توفى الإمبراطور الصيني هودي 188 سنة قبل الميلاد لم يترك وريثًا للعرش على أن أم الإمبراطور كانت قد احتاطت للأمر من قبل إذ اشترت طفلاً قبل وفاة الإمبراطور بعدة سنوات وجعلت زوجة ابنها تدعي أنه ابنها لتخفي آثارها أمرت الإمبراطورة بإعدام أم الطفل الحقيقية بعد وفاة الإمبراطور، نصبت الأم الطفل إمبراطورًا وجعلت نفسها الوصية عليه بعد مرور عامين علِم هذا الطفل بما حدث لأمه الحقيقية ، ونقل عنه جواسيس أم الإمبراطور قوله أنه يعرف ما يجب فعله عندما يصبح إمبراطورًا. لم تتأخر الأم، إذ أمرت بقتله ووضعت طفلاً غيره مكانه. خلال ثمان سنوات غيرت الأم ستة أطفال، حتى ماتت بعدها بمرض غريب .


15- اغوِ النمر ليهبط من أعلى الجبل
لا تشن أبدًا هجومًا مباشرًا على عدو متخندق متحصن (ميزته سببها المكان) لكن أغرِه واغوِه حتى يخرج من مكمنه القوي (المكان الذي ميزه) ثم افصل بينه وبين مصدر قوته .

أراد الحاكم الصيني سون سي غزو جارته الشمالية لوجيانج، لكنها كانت محصنة بقوة ويحميها جيش متمرس، كما أنها تتمتع بحماية طبيعية لارتفاع أراضيها إلا من ممرين تحرسهما بشدة ويقظة . قرر سون سي إرسال وفد يحمل الهدايا وثمين الكنوز لحاكم لوجيانج ، ومعه رسالة من سون سي قال فيها أنه يدعو حاكم لوجيانج لغزو جارتهما مدينة شانغليا و التي طالما ناصبته العداء والاعتداء ، ولكنه بسبب ضعف بلاده لا يستطيع الهجوم عليها ، ولذا يمكن لحاكم لوجيانج الهجوم عليها وضمها لبلاده دون معارضة من سون سي . رغم معارضة الوزراء قام حاكم لوجيانج بالهجوم على المدينة وحصارها ، وبعد مرور أسابيع على هذا الحصار، شن سون سي هجومه على لوجيانج التي رحل عنها جيشه فسقطت سريعاً بين يديه وبذلك توقفت الإمدادات عن جيش حاكمها المخلوع الذي خرج ليحاصر شانغلياو، فتوقف عن حصاره وحاول العودة لمدينته، التي وقفت أمامه عصية بسبب تضاريسها ودفاع سون سي عنها، فاضطر إلى الفرار هو وجيشه .


16- لتقبض على عدو، عليك أولاً أن تطلق سراحه
الطريدة المحاصرة في ركن لا مهرب منه ستقوم دائمًا بشن هجوم مستميت أخير. لتمنع حدوث ذلك، أوهم العدو بأن هناك مهربًا باقيًا، ما يجعل رغبته في القتال تخبو، في مقابل انتعاش رغبته في الهروب. عندما يتضح للعدو في نهاية الأمر استحالة الهروب، ستخبو معنوياته حتى يضطر للاستسلام في النهاية دون قتال .

خلال معاركه الكثيرة، جمع الجنرال تان داو-جي قرابة أربعة آلاف أسير، حتى صاروا عبئًا عليه، فنصحه مستشاريه بذبحهم، لكن الجنرال أحسن معاملتهم وأطلق سراحهم. عند عودة هؤلاء الأسري إلى بيوتهم، حدثوا أقاربهم عن حسن معاملة الجنرال تان لهم وإطلاقه سراحهم، ما سهل مهمته أينما ذهب وجعل الكثيرين ينضوون تحت لوائه ويحاربوا معه.


17- ارم حجرًا لتصطاد زمردة
انصب فخًا وأغرِ عدوك ليقع فيه مستخدمًا طُعمًا (شِركاً) أثناء الحرب، يكون الطُعم الإيهام بفرصة للفوز، وفي الحياة يكون الإيهام بالثروة أو القوة أو الجنس .

عندما أراد زي مهاجمة بلاد وي ، أرسل لمليكها هدية عبارة عن 400 فرسًا صغيرًا وزمردة . سعد الملك بهذه الهدية غير المتوقعة، وسارع الوزراء لتقديم التهاني، عدا وزير واحد، عبَّر عن شكوكه في مثل هذه هدية، وعلل لذلك بالقول أن من تأتيه هدية غير متوقعة أو مبررة، ودون استخدام القوة، عليه دائمًا أن يفكر في دوافع هذا الإهداء. 400 فرس وزمردة تناسب هدية تهديها إمارة صغيرة لأخرى كبيرة، فما بال هدية من إمارة قوية وكبيرة. اتخذ الملك الاحتياطات اللازمة، وزاد عدد الجنود على الحدود، وأمرهم بزيادة الحيطة والحذر. عندما وصل زي إلى الحدود وجد الحراسة الزائدة على الحدود، ولاحظ ارتفاع درجة الاستعداد، فعاد أدراجه قائلاً: هناك رجال جديرون بالاحترام في بلاد وي، فلقد توقعوا خططي لهم .


18- لتقبض على المتمردين، اقبض على قائدهم أولاً
إذا كان جيش العدو قويًا لكنه يوالي قائده لأسباب مادية أو خوفًا منه فقط، ساعتها صوّب هجومك على هذا القائد. سقوط مثل هذا القائد يؤدي لتشتت جنوده وربما انضمامهم إلي جانبك. إذا كان الجنود يوالون القائد بسبب الوفاء ، ساعتها احذر من سقوط هذا القائد، فجيشه سيقاتل بعده طلبًا للثأر له .

في عام 756 قبل الميلاد ، قاد ين زيكي جيشه ليحاصر مدينة سويانغ . لاحظ حاكم المدينة أن القوات الغازية استعدت جيدًا للحصار، إذ نظم زيكي قواته بحيث تقف خارج مدى سهام رماة أسوار المدينة. أيقن حاكم المدينة أن القضاء على زيكي سينال من معنويات المتمردين، ولذا خطط مع أبرع رماته بحيث رموا في اليوم التالي طلائع المتمردين التي تحاول تسلق الأسوار بفروع الأشجار عوضًا عن السهام، ففهم زيكي ذلك على أن الرماة قد نفدت منهم السهام، ولذا أمر قواته بالتقدم من الأسوار، إذ أن الفروع مداها أقصر من السهام، لكن زيكي اقترب من الأسوار ليشاهد بنفسه انتصاره الذي اجتهد من أجله، ودون أن يعلم حيلة الرماة، أصابه سهم في رأسه أسقطه صريعًا في التو. نال هذا السهام حين نال من معنويات الجنود قبل زيكي، فما أن سقط على الأرض حتى فترت معنويات جنوده لدرجة جعلتهم يعدلون عن حصار المدينة .

ليست هناك تعليقات: